خالد الجنابي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحروب الصليبية / خالد محمد الجنابي

اذهب الى الأسفل

الحروب الصليبية  /  خالد محمد الجنابي Empty الحروب الصليبية / خالد محمد الجنابي

مُساهمة  Admin السبت مايو 23, 2009 12:32 pm

الحروب الصليبية
خالد محمد الجنابي

كانت الحروب الصليبية على شكل حملات في فترة تنصرت فيها أوروبا بالكامل تقريبا بعد اعتناق الفايكينج والمجر للمسيحية . فكانت طبقة المحاربين الأوروبيين قد اصبحت بلا عدو لقتاله ، لذا نشروا الرعب بين السكان ، وتحولوا إلي السرقة وقطع الطرق عن الاخرين والقتال في ما بينهم ، فكان من الكنيسة أن حاولت التخفيف بمنع ذلك ضد جماعات معينة في فترات مختلفة من اجل السيطرة على حالة الفوضى القائمة . وفي ذات الوقت تم فسح المجال للأوربيين للاهتمام بموضوع الأرض المقدسة التي تمت السيطرة عليها من قبل المسلمين منذ عدة قرون ولم يتسن للأوربيين الالتفات لها لانشغالهم بالحروب ضد غير المسيحيين من الفايكنج والمجريين الذين كانوا يشكلون المشكلة الأقرب جغرافيا في تلك الفترة ، وكذلك بدأت الكنيسة تلعب دورا في الحرب الاستردادية في أسبانيا ، حيث قام البابا الكسندر الثاني عام 1063 بمباركة المحاربين الذاهبين إلى الاندلس ، الامر الذي لعب دورا كبيرا في تكوين فكرة الحرب المقدسة. كذلك كانت جذور الفكرة الصليبية قد بدأت بالظهور عندما بدا ان المسلمين يضطهدون المسيحيين في الديار المقدسة عندما هدمت احدى الكنائس في القدس ، وان كان قد اعيد بناؤها فيما بعد ، وكان هذا ردا علي هدم المساجد واحراق المصاحف والمذابح التي قام بها الفرنجة في حربهم الإستردادية والتنصير القسري لمسلمي الأندلس وتهجير المسلمين من هناك . وبتلك الظروف التاريخية ، كان شن حروب الى ما وراء البحار باسم هداية الناس الى الطريق الصحيح والدفاع عن الاخوة في الارض المقدسة فكرة لاقت ترحيبا في صفوف الاوروبيين . وكانت الدوافع الدينية لتلك الحروب تتمثل في : دعوة الباباوية للحروب الصليبية التي بدأها البابا اوربان الثاني في تشرين ثاني 1095 بعقده مجمعا لرجال الدين في مدينة كليرمون فران الفرنسية ، وكان الكثير من الحملات قد بررت بتطبيق "ارادة الرب" عن طريق الحج الى الارض المقدسة للتكفير عن الخطايا ، وكانت الدعوات تروي عن اضطهاد الحكم الاسلامي للمسيحيين في الارض المقدسة وتدعو الى تحريرهم ، وتراجعت الدوافع الدينية مع مرور الوقت لتصل الى حد تدمير مدينة القسطنطينية المسيحية الشرقية في الحملة الصليبية الأوليى و الرابعة على أيدي الصليبيين أنفسهم . في الوقت الذي كانت فيه العلاقات الخارجية لاوروبا مع المد الاسلامي لا تبعث على الطمأنينة . فالمسلمون الذين كانوا قد قاتلوا البيزنطيين منذ القرن السابع الميلادي قد وصلوا الى جبال البيرينية في شمال اسبانيا وجنوب فرنسا بعد ان سيطروا على شمال افريقيا ، فكانت المناطق الاوروبية المتاخمة لحدود دولة الأندلس الاسلامية بشبه جزيرة إيبيريا وجزيرة صقلية تشعر بتهديد السيطرة الاسلامية عليها مما ساهم في تجنيد الاوروبيين بدافع الحماية والدفاع عن مناطقهم .
وقد تحركت الحملة الاولى في آب عام 1096 من اللورين , طوابير قادها غودفري دي بويون الرابع , وانضم اليها اتباعه على اثر الدعوة التي انطلقت لها حملة الفقراء ، مشت تلك الفصائل على طريق الراين - الدانوب التي سارت عليها قبلهم فصائل الفلاحين الفقراء . حتي وصلت القسطنطينية نهاية عام 1096 . واسفرت الحملة الاولى عن احتلال القدس عام 1099 وقيام مملكة القدس اللاتينية بالاضافة الى عدّة مناطق حكم صليبية اخرى ,كالرها(اديسا) وامارة انطاكية وطرابلس بالشام . ولعبت الخلافات بين حكام المسلمين المحليين دورا كبيرا في الهزيمة التي تعرضوا لها ، كالخلافات بين الفاطميين بالقاهرة , والسلاجقة الأتراك بنيقية بالأناضول وقتها . وباءت المحاولات لطرد الصليبيين بالفشل كمحاولة الوزير الافضل الفاطمي الذي وصل عسقلان ولكنه فر بعدها امام الجحافل الصليبية التي استكملت السيطرة على بعض البلاد الشامية والفلسطينية بعدها . أما الحملة الثانية : فكانت عام 1147 وانتهت عام 1149 ، دعا اليها برنارد دي كليرفو ، وكان قادتها لويس السابع ملك فرنسا وكونراد الثالث هوهنشتاوفن امبراطور (المانيا) ، وهي اول حملة يشترك فيها الملوك ، تعرضت فيها الجحافل الالمانية لضربة قوية تمثلت في الجوع والمرض بعد هزيمة لحقت بها امام فصائل الخيالة التابعة للسلطان السلجوقي ، كما منيت القوات الفرنسية بهزيمة خطرة بجوار خونة . انهك السلاجقة , الصليبيين بغاراتهم المتواصلة. وفي 24 حزيران 1147 تلاقى لويس السابع وكونراد الثالث ووصية العرش ميليساندا مع اعيان القدس . ومضوا لحصار دمشق الحصينة ، لان فتحها كان يبشر بغنائم وفيرة . دام الحصار خمسة ايام (من 23 الى 27 حزيران ). لكنه فشل . و تخلى ملك القدس بودوان وبارون طبرية عن مطلبهما بعد رشوة قدمها لهما الوزير الدمشقي معين الدين نور . وفي 4 تموز 1187 وقعت معركة حطين التاريخية والمحورية . حيث انتصر فيها السلطان صلاح الدين الأيوبي سلطان مصر . فحرر القدس في 2 تشرين اول 1187 ، الامر الذي دفع بالبابا غريغوريوس الثامن للدعوة الى حملة صليبية ثالثة عام 1187 ردا على استرداد صلاح الدين للقدس وعودتها للمسلمين . وقاد الجيوش الصليبية ملك فرنسا فيليب اوغست الثاني ، وملك انجلترا ريتشارد الاول الذي كان يلقب برتشارد قلب الاسد ، وملك (المانيا) فريدريك الاول برباروسا . لكن برباروسا غرق عام 1190 في نهر اللامس . فتشردت صفوف قواته . اما الفرنسيون والانجليز ، فلم ينتهوا من الاستعداد للحملة حتى 1190 ، وفي الطريق عمل ريتشارد الاول على توسيع نفوذه في صقلية مما وتر العلاقات مع الملك الفرنسي واضعف التحالف بينهما . قام الصليبيون بحصار عكا التي استسلمت في 12 تموز 1191 . وغادر فيليب عائدا الى فرنسا ، وجرت مذبحة بأمر ريتشارد وتحت قيادته في عكا . بعدها تمت محاولاته لاحتلال مدن اخرى . لكنها باءت بالفشل ، وفي عام 1192 . عقد الصلح مع صلاح الدين ، واحتفظ الصليبيون بشريط ساحلي يمتد من صور الى يافا ، وسمح صلاح الدين للحجاج والتجار بزيارة مدينة القدس والأماكن المقدسة . أما الحملة الرابعة فقد دعا اليها البابا اينوقنتيوس الثالث في 1202 . وكانت خطة الصليبيين الاولية تتلخص في دفع القوات الى مصر, لضرب القوة الاسلامية الكبرى في المنطقة . ثم شن الحرب منها باتجاه القدس . لكن البندقيين الذين تولوا امر توجيه وتوفير وسائل النقل والغذاء للحملة مقابل 85 الف مارك ذهبي ، اثّروا في مسار الحملة ووجهوها الى القسطنطينية عمدا . لأن الصليبيين لم يوفروا المبلغ المتفق عليه . واسفرت الحملة عن تخريب وتدمير القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية ومركز الثقافة الإغريقية العريقة ، ولم تتخذ البابوية اجراءات فعلية تجاه هذا الحدث . وكانت تلك الحملة تمثل انحطاط الحملات الصليبية التي اصبحت فيما بعد بحاجة الى تبرير مقنع , بعدما كانت امرا الهيا باسم الكنيسة. بعد ذلك سعى البابا اينوشنتيوس الثالث الى بدء حملة صليبية خامسة عام 1213 . فبدأ بحملة وعظ دامت حتى انعقاد المجمع اللاتيني الرابع عام 1215 الذي اتخذ سلسلة من الاجراءات التي تتعلق بتنظيم الحملات الصليبية . تحركت قوات مجرية وجنوب المانية بقيادة اندارش الثاني وقوات نمساوية . ووصلت الى عكا . وتوقفت هناك حتى انضمت اليها قوات المانية وهولندية . فتوجهوا الى مدينة دمياط في شمال شرق الدلتا بمصر على النيل . واستولوا عليها عام 1219 . وتحت الحاح نائب البابا اونوريوس الثالث والقاصد الرسولي بيلاجيوس استكمل الهجوم نحو المنصورة . وفي ذلك الوقت بالذات بدأ فيضان النيل. وفتح المصريون السد علي النهر . وقطع المسلمون طريق التراجع على الصليبيين . وحاصرت قوات المسلمين الصليبيين باعداد كبيرة . وغرق المئات بمياه الفيضان . وأسر الملك لويس التاسع بدار إبن لقمان بالمنثورة فطلب الصليبييون الصلح واطلاق سراح الملك لويس . وقبلت الملكة شجر الدر زوجة السلطان الكامل الأيوبي الصلح ادراكا منها بخطر المغول في المشرق . وكان الكامل قد مات ليلة معركة المنصورة ووقع الصلح في 30 آب 1221 لمدة 8 سنوات ، وكان على الصليبيين مغادرة دمياط ، ونفذوا ذلك في اوائل سبتمبر من نفس العام ومنيت الحملة الصليبية الخامسة بالفشل الذريع . أما الحملة السادسة :فقد قادها الإمبراطور فريدريك الثاني هوهنشتاوفن الالماني الذي اراد ان يحقق مقاصده دون ان يسحب سيفه من غمده في صيف 1228 ، ولم تحظ هذه الحملة بمباركة البابوية بل حرم الامبراطور من الكنيسة لتأخره في تنفيذ نذره بأخذ الصليب .ؤتفاوض فيها فريدريك مع السلطان الكامل مما اسفر في شباط 1229 عن صلح لمدة 10 سنوات تنازل بمقابله السلطان عن القدس باستتثناء منطقة الحرم ، وبيت لحم والناصرة وقسم من دائرة صيدا وطورون (تبنين حاليا) وكانت الحملة الاولى التي لا تبارك انطلاقها البابوية . وكانت الهزيمة التي لحقت بفصائل الصليبيين عام 1244 وخسارتهم التامة للقدس ذريعة الى ترتيب الحملة الصليبية السابعة ، التي قادها الملك الفرنسي لويس التاسع وتوجه بها الى مصر واستمرت الحملة بين عامي 1248 و1254 ، فسيطروا في البداية على دمياط ثم المنصورة ، ولكن المسلمين بقيادة الملك طوران شاه نجحوا في تدمير قواتهم وفي حصر بقاياها في المنصورة حتى استسلموا ، ووقع لويس في الأسر حتى تم دفع فديه له عام 1250 فعاد إلى عكا وبقي فيها 4 سنوات قبل العودة إلى فرنسا بخفي حنين . أما الحملة الثامنة : فقد انطلق بها لويس التاسع ملك فرنسا في عام 1270 بعد حوالي 3 سنوات من التأخير ، وقد قام بها عدد قليل من البارونات والفرسان الفرنسيون ، اذ ان فشل الحملات الاخيرة وانحطاط سمعتها صدهم عنها ، حتى ان مؤرخ سيرة حياة لويس التاسع الذي رافقه في حملته السابقة رفض الانضمام اليه ، ويروي المؤرخ ان نبأ تلك الحملة كان مفاجئا للغاية بالنسبة له شخصيا وبالنسبة للاشخاص الآخرين المقربين من الملك ، وانه اذهل البارونات ، وكانت المعارضة متفق عليها تقريبا واضطر الملك الى شراء حماسة الاسياد بالمال ، ونذر مع الملك النذر الصليبي ابناءه الثلاثة وبعض تابعي الملك الآخرين ، واتفق على ان توجه الحملة نحو تونس .بدأت المفاوضات مع المستنصر امير تونس ولما نزل الصليبيون في تونس وصلت المفاوضات الى طريق مسدود ، وعندها انضم شارل الاول كونت انجو ، الاخ الاصغر للويس وملك مملكة نابولي . واستولوا على قلعة قرطاجة القديمة ، ولكن وباء دب في صفوف الفرسان ، وتوفي على اثره الملك وافراد العائلة المالكة المرافقة باستثناء فيليب الابن البكر للملك الذي شفي ، وفي نفس يوم وفاة الملك وهو 25 آب1270 وصل اخاه شارل الاول ، و خاضت قواته برفقة قوات لويس بقيادة خلفه فيليب بضع معارك ناجحة ضد قوات امير تونس ، وفي تشرين ثاني 1270 وقعت معاهدة صلح مع المستنصر الزمته بدفع جزية مضاعفة الى ملك الصقليتيين ، كما شملت حقوقا تجارية متبادلة ، وبعد 17 يوما من التوقيع ، ركب الصليبييون السفن وغادرو تونس . كان للحملات الصليبية تأثيرا كبيرا على اوروبا في العصور الوسطى ، في وقت كان السواد الاعظم من القارة موحدا تحت راية البابوية القوية ، ولكن بحلول القرن الرابع عشر الميلادي ، تفتت المبدأ القديم للمسيحية ، وبدأ تطور البيروقراطيات المركزية التي شكلت في ما بعد شكل الدولة القومية الحديثة في انجلترا وفرنسا والمانيا وغيرها . كان تأثر الاوروبيين بالحضارة العربية والاسلامية كبيرا في فترة الحروب الصليبية ، ولكن يرى العديد من المؤرخين ان التأثير الاعظم وانتقال المعارف الطبية والمعمارية والعلمية الاخرى كان قد حدث في مناطق التبادل الثقافي والتجاري التي كانت في حالة سلام مع الولايات الاسلامية ، مثل الدولة النورمانية في جنوب ايطاليا ومناطق التداخل العربي- الاسلامي مع اوروبا في الاندلس ومدن الازدهار التجاري في حوض المتوسط كالبندقية وجنوه والاسكندرية ، ولكن ما من شك بتأثر الاوروبين بالعرب خلال الحملات الصليبية ايضا ، فكان تطور بناء القلاع الاوربية لتصبح ابنية حجرية ضخمة كما هي القلاع في الشرق بدلا من الابنية الخشبية البسيطة التي كانت في السابق ، كما ساهمت الحملات الصليبية في انشاء المدن- الدول في ايطاليا التي استفادت منذ البدء من العلاقات التجارية والمبادلات الثقافية مع الممالك الصليبية والمدن الاسلامية . وكان للحملات الصليبية اثارا دموية ، فبالإضافة إلى سفك الدماء في الحروب في الشرق ، كانت الاقليات من غير المؤمنين تعاني الامرين ، فكان الهراطقة الالبيجيين في جنوب فرنسا واليهود في المانيا وهنغاريا قد تعرضوا لمذابح بوصفهم "كفرة" او "قتلة المسيح" ، وادى ذلك الى تنمية التمييز العرقي بين شعوب اوروبا الذي أدى في النهاية الى تكتل اليهود في اوروبا وعزلهم ، الامر الذي الهم في ما بعد الفكر النازي والفاشي في فترة مراهقة الدول القومية في اوروبا .

Admin
Admin

عدد الرسائل : 40
تاريخ التسجيل : 30/10/2007

https://khalidaljanabi.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى